سورة النحل - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


قوله عز وجل: {وإذا بُشِّر أحَدُهُم بالأنثى ظلَّ وجهُهُ مسودّاً وهو كظيمٌ} في قوله {مسودّاً} ثلاثة أوجه:
أحدها: مسود اللون، قاله الجمهور. الثاني: متغير اللون بسواد أو غيره، قاله مقاتل. الثالث: ان العرب تقول لكل من لقي مكروهاً قد اسودّ وجهه غماً وحزناً، قاله الزجاج.
ومنه: سَوَّدْت وجه فلان، إذا سُؤتَه.
{وهو كظيم} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الكظيم الحزين، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه الذي يكظم غيظه فلا يظهر، قاله الأخفش.
الثالث: أنه المغموم الذي يطبق فاه فلا يتكلم من الفم، مأخوذ من الكظامة وهو سد فم القربة، قاله ابن عيسى.
{أيمسكُهُ على هُونٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: هو الهوان بلغة قريش، قاله اليزيدي.
الثاني: هو القليل بلغة تميم، قاله الفراء.
الثالث: هو البلاء والمشقة، قاله الكسائي. قالت الخنساء:
نهينُ النفوس وهون النفو *** س يوم الكريهة أبقى لها
{أم يدُسُّهُ في التراب} فيه وجهان:
أحدهما: أنها الموءُودة التي تدس في التراب قتلاً لها.
الثاني: أنه محمول على إخفائه عن الناس حتى لا يعرفوه كالمدسوس في التراب لخفائه عن الأبصار. وهو محتمل.
قوله عز وجل: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء} يحتمل وجهين:
أحدهما: صفة السوء من الجهل والكفر.
الثاني: وصفهم الله تعالى بالسوء من الصاحبة والولد.
{ولله المَثلُ الأعلى} فيه وجهان:
أحدهما: الصفة العليا بأنه خالق ورزاق وقادر ومُجازٍ. الثاني: الإخالص والتوحيد، قاله قتادة.


قوله عز وجل: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم} يعني في الدنيا بالانتقام لأنه يمهلهم في الأغلب من أحوالهم.
{ما ترك عليها من دابّةٍ} يعني بهلاكهم بعذاب الاستئصال من أخذه لهم بظلمهم. {ولكن يؤخرهم إلى أجلٍ مسمى} فيه وجهان:
أحدهما: إلى يوم القيامة.
الثاني: تعجيله في الدنيا. فإن قيل: فكيف يعمهم بالهلاك مع أن فيهم مؤمناً ليس بظالم؟ فعن ذلك ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه يجعل هلاك الظالم انتقاماً وجزاء، وهلاك المؤمن معوضاً بثواب الآخرة.
الثاني: ما ترك عليها من دابة من أهل الظلم.
الثالث: يعني أنه لو أهلك الآباء بالكفر لم يكن الأبناء ولا نقطع النسل فلم يولد مؤمن.
قوله عز وجل: {ويجعلون لله ما يكرهون} يعني من البنات. {وتصف ألسنتهم الكذب أنّ لهم الحُسنَى} فيه وجهان:
أحدهما: أن لهم البنين مع جعلهم لله ما يكرهون من البنات، قاله مجاهد.
الثاني: معناه أن لهم من الله الجزاء الحسن، قاله الزجاج. {لا جرم أن لهم النار} فيه أربعة أوجه:
أحدهما: معناه حقاً أن لهم النار. الثاني: معناه قطعاً أن لهم النار.
الثالث: اقتضى فعلهم أن لهم النار.
الرابع: معناه بلى إن لهم النار، قاله ابن عباس.
{وأنهم مفرطون} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: معناه منسيون، قاله مجاهد.
الثاني: مضيّعون، قاله الحسن.
الثالث: مبعدون في النار، قاله سعيد بن جبير.
الرابع: متروكون في النار، قاله الضحاك.
الخامس: مقدَّمون إلى النار، قاله قتادة. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا فَرَطكم على الحوض» أي متقدمكم، وقال القطامي:
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا *** كما تعجّل فرّاطٌ لوُرّادِ
والفرّاط: المتقدمون في طلب الماء، والورّاد: المتأخرون.
وقرأ نافع {مُفْرِطون} بكسر الراء وتخفيفها، ومعناه مسرفون في الذنوب، من الإفراط فيها.
وقرأ الباقون من السبعة {مفرطون} أي معجلون إلى النار متروكون فيها.
وقرأ أبو جعفر القارئ {مفَرِّطون} بكسر الراء وتشديدها، ومعناه من التفريط في الواجب.


قوله عز وجل: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بُطونه} أي نبيح لكم شرب ما في بطونه، فعبر عن الإباحة بالسقي.
{مِن بين فرثٍ ودمٍ لبناً خالصاً} فيه وجهان:
أحدهما: خالصاً من الفرث والدم.
الثاني: أن المراد من الخالص هنا الأبيض، قاله ابن بحر ومنه قول النابغة:
يصونون أجساداً قديمها نعيمُها *** بخالصةِ الأردان خُضْر المناكب
فخالصة الأردان أي بيض الأكمام، وخضر المناكب يعني من حمائل السيوف. {سائغاً للشاربين} فيه وجهان:
أحدهما: حلال للشاربين.
الثاني: معناه لا تعافه النفس. وقيل: إنه لا يغص أحد باللبن. قوله عز وجل: {ومن ثَمَرات النخيل والأعناب تتخذون منه سَكراً ورزقاً حسَناً} فيها أربعة تأويلات:
أحدها: أن السكر الخمر، والرزق الحسن التمر والرطب والزبيب. وأنزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر ثم حرمت من بعد. قال ابن عباس: السَّكر ما حرم من شرابه، والرزق الحسن ما حل من ثمرته، وبه قال مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير ومن ذلك قول الأخطل:
بئس الصُّحاة وبئس الشرب شربهم *** إذا جرى فيهم المزاءُ والسكُرُ
والسكر: الخمر، والمزاء: نوع من النبيذ المسكر.
واختلف من قال بهذا هل خرج مخرج الإباحة أو مخرج الخبر على وجهين:
أحدهما: أنه خرج مخرج الإباحة ثم نسخ. قاله قتادة.
الثاني: أنه خرج مخرج الخبر أنهم يتخذون ذلك وإن لم يحل، قاله ابن عباس.
الثاني: أن السّكَر: النبيذ المسكر، والرزق الحسن التمر والزبيب، قاله الشعبي والسدي.
وجعلها أهل العراق دليلاً على إباحة النبيذ.
الثالث: أن السكر: الخل بلغة الحبشة، الرزق الحسن: الطعام.
الرابع: أن السكر ما طعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب وهو الرزق الحسن، وبه قال أبو جعفر الطبري وأنشد قول الشاعر:
وَجَعلت عيب الأكرمين سكرا...

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9